الفصل 6 و7 و8 من رواية ما وراء الحجاب

 


الفصل 6: رحلة بين العوالم

عاد يوسف إلى البيت مرهقًا بعد يوم طويل في الجامعة، مليئًا باللحظات الغريبة والتوتر. عند دخوله، قابلته والدته التي كانت في المطبخ تعد العشاء. كانت رائحة الطعام المنبعثة دافئة ومليئة بالحنين، لكن يوسف لم يكن في مزاج لتناول الطعام.

رأت أخته الصغيرة الكدمة على خده، ورفعت رأسها بدهشة لتسأله، لكنه أشار لها بالصمت. قالت والدته بصوت قلق:

"يوسف، اجلس للعشاء، تبدو مرهقًا."

ردّ بسرعة وهو يصعد الدرج:

"لا، لست جائعًا. سأكون في غرفتي."

في غرفته، أغلق الباب خلفه برفق. ألقى بحقيبته على الأرض واتكأ على السرير، عيناه مثبتتان على السقف. كان عقله مزدحمًا بالأفكار، لكنه اتخذ قراره. "أنا لها الآن."

استلقى في وضع مريح وأغمض عينيه، متذكّرًا كل التفاصيل التي قرأ عنها. تنفس ببطء، كما لو كان يستدعي النوم بوعي. مع كل نفس، شعر بجسده يتثاقل أكثر فأكثر. في البداية، بدا الأمر وكأنه نوم عادي، لكنه فجأة شعر بالاهتزازات. أطرافه تنبض، ووعي خافت يغوص بين عالمين.

لكن هذه المرة، قبل أن يتمكن من السيطرة على تجربته، استسلم للنوم دون وعي.

يوسف جالس في حديقة غريبة. أشعة الشمس لامسة وجهه والنسيم يداعب شعره. التفت فجأة ليجد سارة بجواره، بابتسامتها الخجولة ونظراتها التي تملأها الدهشة.

قالت له:

"شكراً لك، يوسف، لما فعلته معي بالأمس. أنا حقًا معجبة بك."

شعر بالدهشة والفرح في آن واحد. حاول الرد، لكن صوته خرج مترددًا:

"أنا أيضًا... معجب بكِ."

قبل أن يكمل، قاطعه صوت مألوف. عمر وأصدقاؤه الثلاث ظهروا فجأة، أصواتهم مليئة بالسخرية:

"انظروا، الفاشل وجد حبيبته!"

نهض يوسف بغضب، لم ينتظر طويلاً. ضرب عمر بقوة أسقطته أرضًا، وتوالت اللكمات على بقية المجموعة. كان المشهد عنيفًا لكنه مشبع بالرضا. سارة كانت تنظر بدهشة وإعجاب. لكنه فجأة توقف، استدرك الأمر: "هذا لا يمكن أن يكون حقيقياً. أنا أحلم."

استعاد يوسف وعيه داخل الحلم. أصبح كل شيء واضحًا له: "إنه حلم واضح." تذكر أن هذه فرصة فريدة، قرر استخدامها لمواصلة تجربته. شعر بجسده المادي مشلولًا، لكنه كان واعيًا تمامًا بوعيه الأثيري. ركّز على تخيل نفسه يتحرر من جسده، طافيًا ببطء.

وبدأت التجربة...

كان أول شيء يراه جسده مستلقياً على السرير. كانت رؤية غريبة ومثيرة للرعب في نفس الوقت. رفع رأسه ورأى تفاصيل غرفته من منظور مختلف، شعور غريب بالمراقبة لكن مع إحساس لا يوصف بالحرية. تحرك خارج الغرفة بسهولة، كأنه ريشة تتمايل في الهواء.

خرج من المنزل، وطاف فوق الأحياء كطائر حر. كانت المنازل تحته تبدو كصناديق صغيرة، والرياح الباردة تمر خلاله. كل شيء كان واضحًا لكنه مختلف.

لم يصدق ما يحدث انها اول تجربة اسقاط نجمي ناجحة له، وما يشعر به الان لا يمكن وصفه بالكلمات.

تذكر فجأة سارة. قلبه دفعه نحو منزلها. بسرعة الضوء تقريبًا، وجد نفسه يحوم فوق سطح منزلها. بدأ بالنزول تدريجيًا، محاولًا الدخول.

لكنه سمع صوت نباح كلبها من الداخل. كان الصوت غريبًا، وكأنه يهدد جسده الأثيري. تساءل بدهشة: "كيف يمكن للكلب أن يشعر بي؟"

تصاعد النباح حتى اضطر للابتعاد. دخل من نافذة غرفتها بهدوء. كانت سارة تجلس أمام مرآتها، تسرح شعرها بهدوء. قرب المسافة بينهما، ونظر إلى وجهها باندهاش. كانت اللحظة ساحرة. مشاعر مختلطة من السعادة والرهبة غمرته.

وفجأة، توقفت سارة عن تسريح شعرها. استدارت ببطء ونظرت نحوه مباشرة. تجمد يوسف في مكانه. "هل تراها؟ كيف يمكن ذلك؟" لكنه أدرك أنها لم تره فعلاً، لكنها شعرت بشيء غريب في الغرفة.

همست سارة لنفسها:

"مجرد تخيلات..."

قرر يوسف المغادرة. أثناء خروجه، ألقى نظرة أخيرة على الغرفة. كانت هادئة تمامًا، لكنه فجأة لمح شيئاً من بعيد. كان هناك جسد أثيري آخر يراقبه. لم يكن واضحًا، كأنه ظل في الأفق. في لحظة خاطفة، اختفى.

شعر يوسف بالخوف. "ما هذا؟ هل هناك شخص اخر في جسده الاثيري يراقبني؟" قرر العودة إلى جسده بسرعة.

عاد يوسف إلى غرفته، مستلقياً في جسده المادي. فتح عينيه بسرعة، وعيناه مليئتان بالدهشة والخوف. كانت تجربة مذهلة لكنها مخيفة.

"ما الذي رأيته هناك؟ ومن كان ذلك الشخص؟"

لم يكن يعلم أن هذه ليست سوى بداية مغامرته مع العوالم الأثيرية.

الفصل 7. معبد جبال الهملايا

في قلب جبال الهيمالايا، على الحدود بين الصين والهند، حيث ينتشر الضباب الكثيف ويعانق قمم الجبال المغطاة بالثلوج، كان هناك المعبد قديم لا يعرف مكانه إلا قلة من الأشخاص. معبد محفور في الصخر، تعلوه أعلام سوداء تحمل رمز العين فوق راهب في وضعية تأمل مهترئة ترفرف برفق مع الرياح، وكأنها تهمس بأسرار الكون. في الداخل، كانت غرفة تأمل مظلمة يضيئها نور خافت لشموع متناثرة بعناية، يضفي على المكان رهبة وروحانية عميقة.

وقف رجل بعباءة سوداء عند مدخل الغرفة، لا يظهر من ملامحه شيء، ظل وجهه خفياً تحت الظلال. تقدم بخطوات ثابتة نحو منتصف الغرفة، حيث كان هناك رجل آخر يجلس في وضعية تأملية على حصير بسيط، ظهره مستقيم كالجبل، وعيناه مغمضتان بسلام، تحيط به هالة من الحكمة والوقار.

توقف القادم أمام الرجل المتأمل، ووقف بصمت للحظات وكأنه ينتظر الإذن بالكلام. ثم قال بصوت منخفض لكنه واضح بلغة غريبة:

"سيدي، لدينا تقارير عن ظهور جسم أثيري جديد. لقد رُصد في إحدى المدن المغربية. لا يبدو أنه ينتمي إلى عشيرة مارك، وهو شاب صغير السن، لكن هالته... مختلفة. ليست عدائية، لكنها محيّرة."

فتح الرجل الجالس عينيه ببطء، وظهرت عينان واثقتان تنطقان بالغموض والقوة. لم يرد على الفور، بل ظل ينظر أمامه كأنه يزن الكلمات في ذهنه. ثم قال بصوت هادئ لكنه مليء بالهيبة:

"هل الهالة مسننة"

"اجل" قالها الشخص الواقف

"استمروا في مراقبته. راقبوا تحركاته طوال الأسبوع القادم. إن لم تظهر أي علامات تهديد أو شيء يستدعي القلق... تجاهلوه. قد يكون مجرد عابر."

انحنى القادم بخضوع وقال:

"أمرك، سيدي."

ثم استدار وغادر بخطوات صامتة. بقي الرجل الحكيم جالسًا في مكانه، يعود إلى وضع التأمل، لكن وجهه كان مختلفًا هذه المرة. في اللحظة التي أغلق فيها عينيه مجددًا، ظهرت على وجهه ملامح تأمل عميق، كما لو كان يتواصل مع عالم آخر. ثم فتح عينيه فجأة، وبريق غامض يشع منهما، مزيج من الحكمة التي لا تُحصى وقوة خفية كأنها قادرة على اختراق الحجب بين العوالم.

هدأت الغرفة من جديد، واختفى صوت خطوات الرجل الذي غادر، لكن الغموض ظل يحيط بالمكان، وكأن الجدران نفسها تحمل أسرارًا تفوق إدراك البشر.

الفصل 8 ملاحقة

في منتصف الليل، بينما كانت الظلال تغطي كل شيء وتُسمع فقط همسات الرياح الباردة، كان يوسف ممددًا على سريره. استجمع شجاعته للمرة الثالثة وقرر محاولة الإسقاط النجمي مجددًا. هذه المرة لم يكن الهدف مجرد التجربة، بل كان شعورًا داخليًا يدفعه لاكتشاف شيء ما، كأن قوة خفية توجهه.

أغمض عينيه وأخذ أنفاسًا عميقة، مسترخيًا أكثر فأكثر حتى شعر بالثقل يغمر جسده. ثم بدأ ذلك الشعور المألوف يتسرب إليه؛ الوخز، الاهتزازات، ثم التحرر. فجأة، وجد نفسه يطفو خارج جسده، جسمه الأثيري يشع بلون شفاف، ينعكس كالماء تحت القمر.

نظر حوله بحذر، مستكشفًا غرفته كما لو كان يراها للمرة الأولى. كان كل شيء هادئًا. لكن شعورًا غريبًا تملكه، كأن هناك عيونًا تراقبه. انحنى تحت السرير بحذر، ثم خرج عبر الجدران ببطء. عندها رآه؛ شخصًا أصلع الرأس، ملامحه آسيوية واضحة، يقف بالقرب من المنزل. كانت نظراته ثاقبة، كأنه ينتظر.

تجمد يوسف للحظة، ثم لاحظ شيئًا غريبًا. كان هناك خيط من الضوء الأزرق الرفيع يمتد من جسد هذا الشخص الأثيري نحو الأفق البعيد. تبعه بنظره، ووجد أن الحبل يقوده إلى جبال شاهقة محاطة بالغيوم. كانت جبال الهيمالايا.

انطلق يوسف على طول الحبل الأثيري، وكلما اقترب، بدأت تظهر ملامح مكان قديم، معبد حجري محفور في الصخر، هائل الحجم وعتيق. كان المكان يبعث شعورًا بالرهبة، جدرانه مليئة بالنقوش والرموز الغريبة.

بدأ يوسف بالتقدم بحذر نحو المعبد. فجأة، شعر بشيء يخترق الجو. استدار بسرعة ليجد شخصًا آخر بجسد أثيري، يحمل سلاحًا أشبه بعصا طويلة مشعة، يقترب منه بسرعة. قبل أن يتمكن يوسف من التفكير، انطلق شعاع أزرق نحوه، فاندفع نحو الأعلى ليتجنبه.

كان الشخص الآخر سريعًا، يلاحقه بإصرار، يطلق عليه اشعة زرقاء كالليزر. ارتبك يوسف للحظة، لكنه أدرك أن العودة إلى جسده قد تكون خطيرة إذا تبعه هذا الشخص. لذا بدأ بالمراوغة، يتحرك بين الأعمدة الحجرية للمعبد ويستخدم كل زاوية لتضليله.

كان المطارد ذكيًا، لكنه لم يكن سريع البديهة مثل يوسف. بخفة، قام يوسف بمناورة حاسمة؛ انطلق نحو عمود كبير، اختفى خلفه، ثم تحرك بسرعة من زاوية إلى أخرى. المطارد فقده للحظة، مما أتاح ليوسف فرصة الهروب بإختراقه الارض والابتعاد ثم الخروج في مكان بعيد. انطلق بسرعة نحو منزله، نحو جسده المادي، وعاد باندفاع قوي، فتح عينيه فجأة وهو يلهث، قلبه يكاد يخرج من صدره.

المعبد

عاد الشخص الأثيري إلى غرفة التأمل حيث كان الكاهن الأكبر ينتظر. انحنى بخضوع وقال:

"سيدي، لقد ظهر متطفل. شاب بجسد أثيري مع هالة مسننة حاول الدخول إلى المعبد. لا نعرف من هو، لكنه تمكن من تضليلي والهروب."

رفع الكاهن الأكبر رأسه ببطء، ملامحه لا تظهر غضبًا، بل اهتمامًا عميقًا. كانت عيناه كبحيرة ساكنة، لكنها تخفي تحتها أسرارًا عميقة.

"صفه لي."

قال المطارد:

"شاب، يبدو مغربيًا. هالته غريبة؛ مسننة. لقد وصل إلى حدود المعبد قبل أن أطارده، لقد استطاع اختراق الحاجز بطريقة ما."

نظر الكاهن الأكبر للحظات، ثم قال بهدوء:

"أحضِر لي الكاهن تشين الان."

لم تمض دقائق حتى دخل الرجل الأصلع الذي كان يراقب يوسف. انحنى للكاهن الأكبر وقال:

"سيدي، هل من أوامر؟"

التفت إليه الكاهن وسأله بنبرة صارمة:

"هل هناك جديد عن الشاب المغربي الذي ترصده؟"

هز المراقب رأسه وقال:

"لا، لم يخرج بجسده الأثيري البارحة، اسمه يوسف وهو يدرس في الجامعة ويعيش مع امه واخته الصغرى، وحياته طبيعية ولا يبدو انه يشكل اي تهديد وحتى انه لم يخرج اثيره مرة اخرى، ربما كانت المرة الاولى بالصدفة فقط."

ابتسم الكاهن بسخرية خفيفة وقال:

"لقد خدعك. لم يخرج فقط، بل وصل إلى هنا، واخترق الحاجز، وكاد يدخل الى داخل لولا انه ثم مطاردته من طرف زملائك."

صُدم تشين، واتسعت عيناه غير مصدق:

"مستحيل! كيف عرف بمكان المعبد؟ هذا المكان مجهول حتى للأكثر خبرة، ولم يتبعني انا متأكد، وهو ما زال مستجدًا في الإسقاط النجمي!"

قال الكاهن الأكبر بنبرة مهيبة:

"هذه ليست مصادفة. هالته غريبة، وهناك شيء مميز بشأنه. أريدك أن تجلبه لي. لدينا أسئلة تحتاج إلى إجابات."

انحنى المراقب قائلاً:

"أمرك، سيدي."

ثم غادر الغرفة بسرعة والكاهن ظل ينظر في جدران الغرفة نظرة استغراب

 

الفصل 9 و10 و11 و12 و13

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الموسوعة العامة تحتوي على كل ما يهمك من عمل أو تحميل للأفلام أو أخبار... مجانا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.